نوفيلا يوميات مراهقة للكاتبة نورهان ناصر مكتملة
الصافرة المزعجة حدقت هاله بالهاتف في صډمه وهي تقول
_ ابن الناس الطيبه قفل في وشي بجد .
ثواني وتناهى على مسامعها صوت جرس الشقة لتهتف والدتها بتهكم
_ أنت يا أخت سعاد حسني مش سامعه الباب قومي اتلحلحي افتحيه .
تمتمت هاله وهي تمسك بعكازها القديم أو ليس قديم فهي قد تخلت عنه من فترة وجيزة تقول بضجر
ردت وطن وهي تضحك بشدة بينما تحادث خطيبها على الهاتف
_ نحن لا نرى ولا نسمع وقد فقدنا الشعور منذ زمن يا عجوز .
رفعت هاله عكازها وهي تهم بضړب أختها به عندما ازدادت الطرقات على باب المنزل لتردف هاله بانزعاج
_ داهية تاخدك ياللي بتخبط استنى هو إحنا قاعدينلك ورى الباب .
________________________________________
على مقدمة فراشها بينما باب غرفتها مفتوح يمكنها من رؤية من بالصالة
_ الطرحه يا بجره يا حلوب أنت رايحه تفتحي الباب بمنظرك ده اللي على الباب هيقطع الخلف غوري شوفي طرحتك فين .
نظرت لها هاله بتبرم وهي تلوي شفتيها متمتمة بحنق واضح
_ يخربيت دي عيشه والطرحه دي بتختفي فين لما باعوزها آه ياني اولعلكم في نفسي يعني .
_ معاك بنزين ولا أنزل اجبلك.
قالت هاله وهي تصفق بيديها بعد أن ارتكزت بعكازها أسفل ذراعها
_ قد إيه أنت أم عظيمة .
وازدادت الطرقات وصوت جرس المنزل لتهتف هاله بعد أن ارتدت خمار والدتها والذي ڠرقت بداخله
_ اصبر بس ياللي بتخبط أما افتحلك وافتح نافوخك .
فتحت الباب لتقع عيناها على منذر الذي يحدق بها بضيق
لتنحني هاله لمستواه تردف بضيق
_ أنت كويس ياض ولا بتحور الخبطه مش جامدة يعني بس أنا وعدت وكان لازم أنفذ أنت عارف بقى يا منذر إن وعد الحر دين عليه وأنا مبحبش يبقى عليا دين .
صړخ منذر بغيظ وهو يبصق لعابا وهميا عليها
_ دمي بيتصفى قدامك يا بجره وتقولي أنت كويس.
فتح الباب المقابل لشقتهم وخرج مروان يقول بحاجب مرفوع وهو يطالع أخيه المجثي أرضا
_إيه ده .
ابتسمت هاله ببلاهة وهي تردف بضحك
_ ها ده عرض من مسرحيه هنعملها أنا ومنذر في المدرسه أنت عارف أخوك بيحب يعمل كل حاجه بإتقان ودايما بيساعدني اتوكل أنت على الله يا مروان ومتخافش اخوك في يد امينه .
وضعت آخر لصاقة بقوة بعض الشيء فصړخ منذر بغيظ فيها
_ يا جح شه مش كدا فين الرقه يخربيتك بجره.
لململت هاله القطن ووضعته في سلة القمامة أسفل قدمها ثم قالت له بغيظ مماثل وهي تضربه على صدره
_ إذا كان عاجبك يا زفت .
تحدث منذر وهو يرميها بنظرة ساخرة
_ عمي موجود بقى على كدا .
أجابته هاله ببسمة بينما تدعي أنها تنفخ طلاء أظافرها الوهمي
_ احنا ما بنتهددش يا بابا ....
ما كادت تكمل حديثها عندما استمعت لصوت والدها يتنحنح وهو خارج من المرحاض فصمتت هاله ونظرت له بشړ أن ينبس بحرف أتى والدها وجلس معهم ولاحظ تقطيبة منذر ليقول مستفسرا
_ مالها رأسك يا منذر .
أجابه منذر بضيق مبطن
_ بقرة خبطتني ....
داست هاله على قدمه پغضب ليصحح حديثه بمرح
_ أقصد جح شه يا عمي .
ومجددا ضغطت على قدمه لېصرخ منذر بقوة هذه المرة تحت استغراب والدها الذي قال
_ مالك يا ابني .
_ عدى على رجلي حمار بري يا عمي.
هز والدها رأسه بيأس منهما وهو يقول
_ أنت مش طبيعي انهارده .
نهضت هاله واتجهت إلى غرفتها أحضرت كتابه وما إن أخرج والدها هاتفه وبدأ بمطالعة الأخبار وعندما تأكدت أنه لا يراها ألقت الكتب على رأسه لېصرخ منذر وهو يشتمها تحت أنفاسه في حين أخفض والدها الهاتف ونظر له
_ لا مش طبيعي.
همست هاله پغضب
_ يالا قوم انفض
من هنا روح للي عايز تبصلها بلا حدود وحروب يالا .
شاكسها منذر وهو ينهض يحمل كتابه
_ عارفه لو لا إني عارفك جح شه كنت قولت غيرانه عليا .
عضت هاله على شفتها من الداخل تهتف بهمس
_ أغير عليك أنت يا أخي اتنيل .
_ ومالي أنا إن شاء الله يا بجره ما اشبهش ده أنا دفعتنا بناتها هيموتوا عليا خصوصا نرمين حبيبتك الروح بالروح .
قال آخر كلماته وهو يمد إصبعيه السبابه جنبا إلى جنب متلاصقين وهو يشير بهما لتحمر وجنتيها بضيق وهي تقول
_ خليها تشبع بيك يالا امشي هدخل أنام .
_ مش هتروحي الدرس انهارده .
هزت رأسها بنفي فتابع منذر بخبث
_ أحسن يفضل بردو أهو حتى أنا محتاج برستيجي اللي بتمرمغي بيه التراب انهارده عن أي يوم .
ضيقت هاله عينيها باستغراب وهي تطالع ظهره پغضب لا مبرر له
_ قصده إيه المخبول ده وبرستيج إيه وهو في رأسه بشله .
يتبع ...
نوفيلا يوميات مراهقه الحلقة الثالثة بقلم نورهان ناصر
من الغريب أن يعشق المرء هلاكه ولكن هي هلاكي وأنا بها متيم.
نورهان ناصر
وقف منذر خلف الباب يضم الكتاب إلى صدره وهو يزفر أنفاسه مغمغما بحزن
_ ايمتى تحسي بيا يا هاله .
وضع يده على چرح رأسه وتلقائيا ابتسم بخفوت لو طالعه أحدهم لولى منه فرارا ظنا منه أنه مختل لأنه سعيد بهذا الچرح وكأنها قد اعترفت بحبها له ولكن هو أدمن تلك الهاله وكل أفعالها وحتى همساتها بمثابة بلسم لروحه وسيكون أكثر من سعيد بأي ذكرى تجمعه بها حتى لو تجرع فيها الألم وسالت على يديها دمائه .
فتحت والدته الباب تطالعه باستغراب حيث كان يحتضن الكتاب وعلى ثغره ابتسامه واسعه بينما يغمض عينيه كانت والدته تحمل كوب من الماء ف بلا تفكير كعادة ساكني هذه العمارة ألقت الماء على وجهه ليفتح منذر عينيه بهلع وهو يسارع بابعاد الكتاب بينما يتفحصه بعناية فائقة التقط أنفاسه ما إن لاحظ أن الكتاب بخير وأن قطرات الماء كانت قليلة في الكوب وفقط وجهه من تبلل ليهتف منذر بتهكم
_ إيه يا ماما ده كنت هضيعي مستقبلي .
لوت والدته شفتيها متمتمة بحنق
_ مستقبلك ... أي ده يا واد اللي على رأسك أنت اتبطحت.
مسح منذر على وجهه ثم تخطاها ودلف إلى باب شقتهم وهو يقول
_ ايوه يا أمي ارتحتي .
ضړبته والدته على صدره مصدرة شهقة عاليه إلى حد ما بينما تقول
_ وهو أنا راحتي يا قليل الادب في اذيتك.
واعقبت حديثها بأن ضړبته على رأسه لېصرخ منذر بضيق
_ ارحموني بقى مش شايفه رأسي يا أمي يعني .
تشدقت والدته بسخرية
_ هاله اللي بطحتك كدا يا موكوس .
تمتم منذر بلامبالاة وبسمة غبية
_ عادي يعني أنت مصدومه ليه ما أنا كسرتلها رجلها دي ولا حاجه .
أنهى حديثه وهو يختفي خلف باب غرفته لتتنهد والدته مردفه بحزن
_ لايمتى يا ابن بطني هتفضل متعلق باحبال دايبه.
جلس منذر على الفراش وهو يفتح الكتاب لتقع عينه على الإهداء الذي كتبه خصيصا لها بكل حب يزخر به فؤاده لها وهو يتنهد بتعب وأما بخصوص ذلك الحرف فهو وضعه للتمويه لا أكثر ثم فتح نصف الكتاب لتقع عيناه على تلك الرسمة والتي تعود لهالته الخاصه ومكتوب أسفلها اعترافه الذي جهزه مئات المرات لېتحطم كل ذلك بوقوع تلك الورقة بيده قبل شهر ونصف طالع الرسمة والاهداء بعيون دامعة شغوفة وهو يرددهم بشفاه مرتعشه
أنت وطني بين عينيك سكني في رحابك أحيا أنت ملاذي منبع أماني في وجودك جنتي وفي غيابك جهنمي.
هالتي الحلوة معذبة فؤادي من تمثل لي الكون أغلى على قلبي من كل البشر أحبك كلمة من أربعة أحرف لا تعبر عما يكنه قلبي لك فأنا عاشق لك ولظلك لكل همسة تصدرها شفتيك أنا متيم بك فمتى تحني على فؤادي .
هاله أنا بحبك لا أنا بعشقك وبحب كل حاجه منك كفاية عندي إنها منك بس .
كنت على حافة الهاوية اليوم عندما حاصرتني هالتك الخاطفة لانفاسي توقف الزمان عندي حينها عجز لساني عن التعبير وخفق فؤادي بقوة معلنا الحړب بداخلي كم تمنيت في تلك اللحظة لو ضممتك لصدري لو نعمت ولو لبعض الوقت بطيفك من حولي تمنيت لو استطاع لساني أن يبوح بما يكنه لك فؤادي ولكن ألم تلاحظي نظرات ألم تخبرك عيناي كم تطوقان لنظرة تقذفها عينيك تجاهي بسمة حانية ترد السلام
________________________________________
على قلبي حاوطتني هالتك لبضع ثوان فشعرت أني قد ملكت العالم بأسره ولكن كل ذلك تلاشى لاشعر بالبرد يضرب أوصالي عندما غادرتني وقتها أحسست أن فؤادي قد تم وئده.
انتهى منذر من كتابتها بجوار أخواتها حول لوحة الرسمة التي تقبع بها هاله ثم وضع القلم بعد أن أدخله في غطاءه ثم نهض واتجه لتبديل ملابسه ليذهب إلى الدرس وهو يشعر بالفتور لأنها لن تذهب .
أطلقت زفيرا قويا وهي تستمع لحديث صديقتها قبل أن تردف بعدم انتباه حيث كان عقلها مشغولا بما عرفته عن منذر
_ ها يا سهام بتقولي إيه.
ردت سهام من الطرف الآخر من الهاتف بتهكم
_ يا ختي أنت مش معانا خالص المهم بقولك خطبة منه بكرا هتروحي .
نفخت هاله بملل أثناء قولها
_ مش عارفه أنا مش صحبه أوي معاها معرفش بقى ..بقولك إيه انتوا مشيتوا على الدرس ولا لسه .
نظرت سهام إلى ساعتها مردفة
_ داخله على سته وربع أنا لابسه ومستنيه جنات .
اتجهت هاله إلى خزانتها قائلة
_ طيب بقولكوا إيه ما تكسبوا ثواب وتستنوني هلبس في مينت غيرت رأيي هروح معاكم.
هتفت سهام وهي تمط شفتيها
_ طيب بس حاولي متتاخريش آه صح هاتمشي بعكازك .
تمتمت هاله بقلة حيلة
_ اعمل إيه مضطره متشغليش بالك أنت.
أغلقت هاله معها ثم أخرجت إحدى ثيابها فستان طويل لونه لافندر مع حجاب أبيض متوسط الطول ثم ارتدتهم سريعا وحملت متعلقاتها وأخذت ثمن الدرس من والدها الذي قال عندما لاحظ عكازها
_ أنت رجعتي للعكاز تاني ليه .
_ اعمل إيه وحشته بقى يا بابا مقدرش يستغنى عني.
ابتسم والدها على حديثها الساخر