نوفيلا يوميات مراهقة للكاتبة نورهان ناصر مكتملة
مبروك ليك يا منذر .
فقط حين نطق والدها بتلك العبارة أفاقت هاله من فقاعتها ليكسو الحزن ملامح وجهها التي كانت قبل لحظات تدق بالحياة .
بادر منذر بالرد عليه ببسمة متوترة
_ الله يبارك فيك يا عمي ومبروك لهاله .
فجأة امتلئت الأجواء بالشحنات واضحى الجو متوترا لذا هتفت وطن تستخرجهم من الصمت الذي حل عليهم وهي تهنى منذر بنجاحه ليتحدث مروان ويشاركها بقوله في مرح
ضمته والدته وهي تبتسم بود
_ الدكتور منذر فخوره بيك يا حبيبي ...وفخور بيك يا هاله يا قلبي.
تفرك في يديها بتوتر ملحوظ وهي تخفض بصرها أرضا وبجوارها تجلس وطن في حين كان والدها يستقبل التهاني من العائلة همست لها وطن بخفوت
نظرت هاله بطرف عينها إلى والدها المندمج في الرد على أقاربهم ثم نظرت لأختها التي تنتظر إجابتها لتأخذ نفسا عميقا وبهمس قالت
_ حاسه إن بابا اضايق لما طلعت أقول ل منذر قبل ما أعرفه هو بس أنا معرفش لقتني أول ما الموقع فتح وشوفت النتيجة مقدرتش أمسك نفسي ولقتني بجري عليه وأعرفه كمان أنا حافظه رقم جلوسه وأول ما لقيت كمان إن العشرة الأوائل منزلينهم على الصفحة الرسمية مقدرتش ما روحش عنده نسيت وعدي لبابا ونسيت أي زعل بينا ونسيت إنه ضړبني بالقلم كل اللي افتكرته إن حلمي وحلمه اتحقق وبس .
_ مش أنت بس اللي نسيت زعلك هو كمان ويظهر جاب نتيجتك بردو زي كل سنه كان هو اللي بيبشرك بس المره دي بشرتوا بعض بنفسكم وفي نفس اللحظة قد إيه كان شكلكم جميل
صمتت وطن لثواني وهي تراقب الوضع وعندما لاحظت والديها منشغلان بالهاتف ثم همست بحب
لمعت عيني هاله بالدموع واكتفت بالصمت جوابا وبداخلها دعاء صامت بأن يلبي ربها دعوة أختها ويبادلها منذر مشاعرها .
_ يا راجل بشبش جيبك شوي هي حفله هنعملها هنا في البيت بنتك طالعه الأولى حاجه تشرف كدا ومش خسارة المصاريف عايزه أصرخ واقول للدنيا كلها أنا أم الدكتورة وبنتي هاتبقى دكتورة .
نظر لها محمد بسعادة لسعادتها وهو يقول
_ وأنت يا وليه تعرفي عني إني بعز حاجه على بناتي ولا إيه أنا هعملها كل اللي هي تشاور عليه ولا إيه رأيك يا حبيبة بابا .
_ أنا ميفرقش معايا كل الشكليات دي المهم عندي انتوا انتوا فخورين بيا .
فتح لها والديها ذراعيهما يدعوها للاقتراب نهضت هاله لتستقر بين كنفي والديها وسعادة العالم بأسره لا تسعها قبلت والدتها جبهتها وبادلها والدها بأخرى على وجنتها ثم تحدث بحنان
_ أنا اكتر من فخور بيك بنتي رفعت رأسي ومشرفاني مبروك نجاحك وتفوقك يا هاله عقبال شهادة التخرج واشوفك دكتورة قد الدنيا .
_ آمين يا رب تسلموا لي انتوا جزء كبير من نجاحي انتوا أكبر داعم ليا وأنا تعبي كله اتبخر بمجرد ما شوفت سعادتكم وفرحتكم بيا بحبكم جدا جدا جدا جدا .
هتفت وطن وهي تمسح دموعها بتأثر
_ لا لا أنا بغير انتوا مفرحتوش كدا ليا وقتها هذه تفرقه عنصريه وأنا أعترض .
فتح لها والدها ذراعه بدعوه لحضنه فأسرعت وطن باحتضان أسرتها وهي تبتسم بفرح لأختها وسمعت والدها يقول بمحبه لا يبخل عليهم بتقديمها
_ أنت أول فرحتنا في كل حاجه وأنا فخور بيك يا حبيبتي ربنا يبارك لي فيكم انتوا الأتنين.
قبلت وطن جبهة والدها تردف ببسمة واسعه
_ ويديمك في حياتنا يا بابا ...وعلى فكره أنا بهزر سعادتي من سعادة أختي حبيبتي وهتفشخر بقى على قفاها أخت الدكتورة راحت أخت الدكتورة جات .
ضحكوا جميعا على حديثها وضمتها هاله إلى حضنها بحب ثم نهضت واتجهت إلى المرحاض توضات وبدأت تصلي ركعات لا عدد لها تشكر ربها وهي تبتهل إليه بالدموع تحمده على السعادة التي أنزلها على عائلتها وعلى حلم سهرت عليه ليالي طويلة تدعوه ليحققه لها منذ أن كانت بعمر الرابعة عشرة وها هو الحلم تحقق فشكرا للإله.
مضت الأيام سريعا وها هي تقف أمام الجامعة ظلت تنظر إليها بعيون دامعة وهي تحمد الله ألف مرة أن حقق حلمها فجأة وكما العادة يقتحم أريج عطره كيانها لتغمض هاله عينيها وقلبها يخفق بشدة فتحت عينيها ببطء ولم تجده أمامها رحل ببساطة دون أن يتفوه بحرف فمنذ ذلك اليوم الذي تحدثوا فيه وقت ظهور النتيجة وعادت الأمور كما هي لا يتحدثون وكل منهم إذا رأى الآخر يمضي في طريقه وكأنه لا يعرفه سقطت دموعها وهي تطالع ظهره بحنين بينما
________________________________________
يمشي باتجاه القسم الخاص به والذي يكون بدوره قسمها أيضا حيث تخصصوا في الجراحة
أفاقت من شرودها به عندما لكزتها سهام على كتفها قائلة
_ من أولها سرحان كدا واقفه برا ليه على مدرجك يالا .
ابتسمت هاله بحرج وهي تردف بضيق
_ وأنت مش في مدرجك ليه بقى .
مطت سهام شفتيها متمتمة بهدوء
_ عادي لسه مستنيه الأخت جنات ندخل سوا أنت خلاص سبتينا يا ستي وډخلتي طب بشړي إحنا طب أسنان يالا دي منطقتنا انشكحي من هنا يا جزاره .
قهقهت هاله ضاحكة بقوة وهي تطالع سهام بتعجب
_ ايه يا بت الغل اللي أنت فيه ده .
تبسمت سهام بلطف وهي تردف بضيق مصطنع
_ ده قر وحياتك يالا روحي بسرعه ورى حبيب القلب قبل ما مزة تعلقه كدا ولا كدا .
كست ملامحها علامات الحزن وهي تردف بۏجع
_ سهام إحنا زي ما إحنا لا هو بيكلمني ولا أنا بكلمه وأول ما بيشوف وشي بيغير طريقه يالا أشوفك بعدين سلام ما تمشوش ابقوا اتصلوا عليا نمشي سوا .
وافقت سهام ثم ودعتها هاله ودلفت إلى المدرج الذي كان مملوء على آخره جالت بعينيها عن مكان شاغر حتى عثرت عليه وضعت حقيبتها ثم جلست أتت بعض الفتيات وجلسن بقربها تبادلن التحية وابتسمن بلطف معرفين عن أنفسهن .
كانت عيني منذر عليها طوال الوقت مستغلا جلوسه ورائها بالخلف استمع لضحكتها التي افتقدها منذ ذلك اليوم ثم تنهد بقوة وبدأ بالتركيز مع الدكتور الذي دخل .
كان ينظر إليها وهي تروح و تجيء أمام ناظريه وتبدو متوترة من شيء ما ليضع الجريدة من يده وينادي عليها
_ نجات في إيه خيلتيني رايحه جايه في إيه مالك .
أتت نجات وجلست بقربه ثم قالت بعد أن أخذت نفسا عميقا
_ محمد أنت من فترة كدا سألتني إيه رأيك في منذر وأنا قولت المتوقع يعني بس في حاجه كدا مقولتهاش ليك وحاسه جه وقتها .
استرعى حديثها على كامل انتباهه ليستدير صوبها وينظر نحوها بتركيز وهو يهتف بصوت هادئ
_ إيه هي .
ابتلعت نجات ريقها مردفه بهدوء
_ أنا عمري ما اتمنيت اجوز هاله بنتي إلا لمنذر حلم ونفسي يتحقق هو عارفها وفاهمها و .....
لم يدعها محمد تكمل وهو يردف بعينين ضيقه
_ وايه يا نجات أنت عايزه تجوزيها لمنذر ابن ماجد جارنا مش كدا .
أرجعت نجات رأسها للخلف وهي تطالعه بنظرات مستغربه
_ ايوه هو بصراحه جدع وشهم ومحترم جدا واحنا عارفين أخلاقه كويس وبصراحه بقى كدا حكاية الاخوات اللي فرضتوها عليهم دي أنا من زمان وأنا مش بالعاها بس ما اتكلمتش علشانك أنت كان نفسك يكون عندك ولد بس الله ما اردش وبعدين بصراحه في حاجه استغربتها بردو يعني هاله بينها وبين منذر تقريبا خمس شهور لما هي اتولدت في الوقت ده ما دام اصريتوا يكونوا أخوات ليه رفضت اخلي نوال ترضعها .
أطلق محمد تنهيدة قوية وهو يرجع رأسه للخلف يستند على مؤخرة المقعد وهو يردف بشرود
_ هتصدقيني لو قولتلك إن حلمك ده أنا بتمناه واكتر منك كمان يمكن علشان كدا رفضت يرضعوا على بعض مش عارف بقى بس حاجه جوايا كانت رافضه ووقتها ده اللي حصل ربيناهم على أساس أخوات بس بنتك خلفت بده وحبته ده اللي مكنتش عامل حسابه مالك كدا ما اتفاجئتيش بكلامي .
ابتسمت نجات وهي تنظر إليه بغيظ مردفة
_ ليه مش شايفه حالة بنتي ولا مش حاسه بيها ما اكونش أم لو غفلت عن حاجه تخص ولادي صحيح أنا وهي مش صحبه ودايما بتحكي لوطن بس أنا حاسه بيها وعارفه قد إيه بتحبه وساكته .
_ أهو ده بقى اللي كدرني يا نجات لما شوفت في عيونها مشاعر ليه عرفت إن قراري إني مخلهمش أخوات حقيقي كان غلط وإن اختلاطهم ببعض كان غلط وكان لازم أخد تصرف علشان امحي الغلط ده.
صمت لثواني قبل أن يردف بحزن وهو يعترف لها بما فعله في السنة الماضيه
_علشان كدا قطعت سبيل الوصل بينهم كنت عايز أحافظ على بنتي وخۏفت من مشاعرها تجاهه تأثر على دراستها فاخدت عليها وعد تقطع علاقتها بيه وإنه ابن جيرانا وبس وقولتلها أنا عايز أرفع رأسي بيك متخذلنيش يا هاله واهي الحمد لله ما خذلتنيش.
_ يا نهار يا محمد هو أنت اللي كنت ورى حالة بنتك دي هاله كل يوم بتنام ودمعتها على خدها بس كانت بتدوس على نفسها وتذاكر علشانك ده أنا بنتي طول السنه اللي فاتت وهي عايشه من غير روح وأنا أقول ما بتذاكرش مع منذر ليه وبطلت تروح عندهم هناك ليه وليه الولد بردو كل يوم والتاني ينط عند بيت خاله واتريك يا محمد اللي مفرقهم كدا .
طالعها محمد بنظرات متهكمه وهو يقول بحنق
_ مفرق إيه يا وليه بنقولك اختلاطهم غلط وما ينفعش هو لا أخوها ولا هي بتعتبره أخ ليها أصلا زائد أنا حافظت على مشاعر بنتي كانت هتتعذب كدا على الفاضي خصوصا إنها قالت لي إن منذر بيحب واحده معاهم فكدا أفضل ليها الولد بيعتبر البنت أخته ومكمل في الدور اللي سلمتهوله حتى إني انهارده وصيته عليها يخلي عيونه عليها .
_ تاني يا محمد