رواية كاملة بقلم دعاء عبد الرحمن... فارس
دمعة من عينها فمسحتها سريعا وهى تقول
متقوليش كده يا طنط ده انت اللى مربيانى
وضعته أم فارس فى يدها وهى تضغط على يدها برفق قائلة
خلاص يبقى تاخديه من سكات
قبضت عليه فى يدها وهى تقول
متشكرة أوى يا طنط ربنا يخليكى ليا
ابتسمت أمها بينما قبلتها أم فارس ثانية وقالت متسائلة
أخبار التنسيق أيه
نظرت مهرة أمامها
وقالت بجدية
لسه النتيجة بتاعته مطلعتش .. بس عموما مش هتفرق .. أى حاجة هتيجى هتعب واذاكر فيها لحد ما ابقى حاجة كبيرة أوى .. أنا دلوقتى ميهمنيش غير مستقبلى وبس.. هو ده اللى هينفعنى مش أى حاجة تانية
عزمت على نسيان ماضيها وحاولت أن تقتلعه من حياتها ولا تفكر سوى فى مستقبلها وفقط ولكن هذه هى طريقة تفكير الحالمون فقط فالحالمون فقط هم من يعتقدون أن الانسان من الممكن أن ينفصل عن ماضيه وظروفه و بيئته التى كونت شخصيته وأصبحت جزء من تكوينه وبنيانه بل أصبحت جزء لا يتجزء من حاضره ومستقبله أيضا .
الفصل الحادى والعشرون
عاد الفارس إلى صهوة جواده مرة أخرى وأستأنف حياته العملية ثانية ولكن هذه المره وهو يجلس خلف مكتب الدكتور حمدى مهران كنائبا عنه ومديرا للمكتب وشريك فيه بمجهوده بنسبة الثلث ...لينفذ فكر استاذه فى قبول القضايا ورفضها حسب ما يترائى له من حلها وحرمتها مهما كانت باهظة الثمن ...وعادت دنيا تقبع خلف مكتبها تقلب أوراقها بملل غير راضية عن وضعها القديم فقد كانت تتصور أن شأنها سيرتفع لمجرد أنها زوجته وأنه سيعطيها مكتب مخصص لها ولكنها تركها كما هى حتى عندما ڠضبت وطلبت منه ذلك رد ببرود
لو هارقى حد هيبقى على حسب كفائته مش على حسب هو يقربلى ايه
وقد كانت الضړبة الموجعة لها والقاسمة لغرورها وكبريائها أنه أعطى نورا صلاحية مدير المكتب وخصص لها مكتبه سابقا بل وخفف عنها عبء عمل النهار وأصبحت تعمل مساءا كمديرة للمكتب فقط مما جعل دنيا تستشيط ڠضبا وحنقا .. خرجت من المكتب دون أستئذان وتوجهت لوالدتها لتحكى لها مأساتها معه والظلم الذى تلاقيه فى عملها فاجابتها والدتها بهدوء
فى حاجة مش طبيعية بينك وبينه ومحدش فيكوا عاوز يقول عليها
جلست دنيا تقلم أظافرها وهى ترفع كتفيها وتقول بخبث
بصراحة يا ماما فيه بس يعنى ..ضميرى مش سامحلى انى افضح جوزى
نظرت لها والدتها مستفهمة وقد عقدت حاجبيها قائلة
يعنى أيه يابنتى مش عاوزه تفضحيه هو فى ايه بالظبط
رفعت رأسها إلى والدتها وتصنعت الخجل وهى تقول
أصله بصراحة يعنى مش قد كده معايا ..يمكن بقى علشان كده علطول مضايق وبيعاملنى وحش زى ما اكون أنا المسؤلة عن حالته دي
زاد أنعقاد حاجبى والدتها وهى تنظر إليها قائلة
طب ليه ما يروحش لدكتور بدل ما العلاقة بينكوا متوترة كده
زفرت دنيا متبرمة وهى تقول بملل
يووه حاولت كتير معاه وكل مره بيزعل ويعمل خناقة .. خلاص بقى قسمتى ونصيبى انا راضية
جلست والدتها واستندت إلى ظهر مقعدها وهى تعقد ذراعيها أمام صدرها وتنظر لابنتها بشك ثم قالت
غريبة أوى الحكاية دى
عادت دنيا لتقليم أظافرها ثانية وهى تقول بأسى
شايفة يا ماما انا مستحملة أيه.. وكمان قاعدة مع امه فى مكان واحد ومعاملتها بقت حاجة صعبة أوى
مالت أمها للأمام بابتسامة متهكمة وقالت
أهى دى بقى لو حلفتيلى عليها عمرك كله مش هصدقك ..ده انا شفت بعينى محدش قالى
نظرت دنيا إليها وقالت بحزن
كده يا ماما بقى انت برضة تخيل عليكى حركات الست دى .. دى بتعمل كده قدامك بس
ضحكت أمها بسخرية وقالت
روحى شوفيلك كدبة تانية بس تكون محبوكة شوية عن دى
هبت دنيا واقفة وهى تقول بانفعال
كده يا ماما ...ماشى ..أنا هدخل انام شوية
أنت مش هتروحى
لاء لازم يعرف انه غلط
دخلت غرفتها وتنفست بقوة وهى تزفر بضيق متسائلة بداخلها.. لماذا دائما يكذبها الجميع حتى والدتها لا تصدقها فى شىء ألهذه الدرجة هى مكروهة منهم ...هوت إلى فراشها بقوة وڠضب وهى تلوم نفسها على سذاجتها التى أودت بها ..تذكرت يوم ۏفاة أبيها واليوم الذى توعدتها أمها أنها ستجعل عمتها تأخذها معها إلى الصعيد لتعيش هناك بقية عمرها وتذكرت يوم أن قررت مصيرها وحددت معاد عقد قرانها على فارس دون الرجوع إليها عادت لتذكر الشعور الذى مر بها والڠضب الذى تملكها حينها وهى ترى حياتها تسير فى الاتجاه الخاطىء وسينتهى بها الأمر فى حارة مع حماتها فى شقة واحدة أستعادت ذاكرتها هذا اليوم المشؤم الذى بحثت فيه عن الدواء المنوم خاصتها ووضعت منه لوالدتها فى مشروبها والذى جعلها تنام نوما عميقا مما أتاح الفرصة لها أن تخرج وأول ماتوجهت كان لمكتب باسم الذى رحب بها وأغلق الباب قائلا
ولا يهمك محدش يقدر يجوزك ڠصب عنك
كل ده بسببك انت ..ماما عملت كده علشان سمعتك وانت بتكلمنى فى التليفون بالليل فى الليلة اللى بابا ماټ فيها ...أسمع بقى انا مش هغرق لوحدى لازم تطلعنى من الحكاية دى فورا
يعنى عاوزانى اعمل ايه
أنت مش قلت هتجوزى وتخلينى