رواية راائعة للكاتبة داليا الكومي مكتملة ( غيوم و مطر )
من عماد بلباقه لمحت عمر ينظر اليها نظرات ناريه تنم عن احتقاره الشديد ... حبست دموع الاهانه واصرت علي الاعتذار من عماد بلباقه وانسحبت الي امان طاولة والدتها وشقيقتها .. انها الان بحاجه الي دعم والدتها المطلق الدى لم تبخل به عليها ابدا ... والدتها ايضا كانت بحاجه الي مواستها فهى كانت تشعر بالذنب ...هى من اجبرتها علي الحضور ومواجهة ذلك الموقف السخيف وايضا لانها لم تتذكر يوم مولدها ...كيف استطاعت النسيان وسببت لفريده كل ذلك الحرج وايضا الالم ...رشا بدأت ثرثره لا تنتهى فريده كانت بحاجة الي ان تلهى نفسها بها فاستمعت اليها بدون تركيز فقط كى تقنع الجميع انها لديها ما تفعله ولديها من يهتم بها ..وربما في حقيقة الامر لتجبر نفسها ان تتجنب النظر في اتجاه عمر وخطيبته.. لكنها وجدت رشا فجأه تصيح بفرح غامر وهى تشير الي شيء ما خلفها فريده الحقى تيته جت الفرح...
في صمت حتى رشا الثرثاره اسندت رأسها علي نافذة السياره وڠرقت في النوم ... اما فريده فحبست دموعها بصعوبه واستجمعت كل مجهودها كى تصل الي غرفتها بكرامه وتغلقها عليها ....وعندما اصبحت وحيده خلعت الفستان والقته علي الارض وداسته بأرجلها
پقسوه .... انتزعت خاتم زفافها الماسي والدبله والقتهم في الدرج بدون اهتمام ....اما جسدها فألقته ايضا علي الفراش وسحبت الغطاء وغطت نفسها جيدا ...دفنت رأسها بين الوسائد وبدأت في البكاء بحريه ...بكت كما لم تبكى من قبل حتى بعد طلاقها ...بكت عمرها الضائع وبكت كرامتها الجريحه ....عودة عمر كانت قاسيه بدرجه غير محتمله ...والام مزق روحها وحولها الي اشلاء ...رغما عنها شريط الذكريات بدأ منذ البدايه ..غزو الذكريات كان اكبر من قدرتها علي المقاومه فاستسلمت له بيأس علها ترتاح بعدما تؤنب نفسها كما تفعل بصفه شبه يوميه ...عادت بذاكرتها ليوم ۏفاة والدها ...الذكري كانت حيه لدرجة انها عاودها نفس الالم الذى شعرت به يومها وكأنه ټوفي اليوم من جديد.... الجنازه عادت اليها بكل تفاصيلها الدقيقه... المقاومه ترهقها... تستنزفها .. اذن فلتترك الذكريات تمر في رأسها ربما بعد ذلك تتمكن من طى صفحة الماضى الي الابد ....
طرقات خفيفه علي باب غرفتها اجفلتها للغايه ...منذ الوفاه وهى مضطربه وتفزع من أي حركه...والدها الحبيب ټوفي في عمله بهدوء وبدون أي مقدمات ...كانت في كليتها كالمعتاد وعندما وصلت الي المنزل علمت بالفاجعه ...والدها ټوفي وترك خلفه عائلته بلا سند... اصغرهم رشا كانت في الصف الاول الثانوى واكبرهم محمد في السنة الخامسه من كلية الطب البشري ...صدمة ۏفاته الفجائيه كانت شديده وشلتها عن الحركه ...كانت تتخيله في كل مكان في الشقه لذلك حبست نفسها في غرفتها مڼهاره بالكامل...امتنعت عن الطعام والشراب لايام حتى خارت قواها تماما ووصلت لدرجة انها لم يعد في استطاعتها النهوض من الفراش ...حاول الجميع معها لاقناعها بالاكل والشرب لكنهم فشلوا تماما ..في النهايه وضعها اضاف هما لعائلتها فوق همهم الاصلي ...اليوم هو اليوم الرابع بعد الوفاه وايضا اليوم الرابع الذى تمتنع فيه عن الطعام حتى باتت هزيله وضعيفه وتعانى من الجفاف التام ...امتنعت عن تلقي العزاء في والدها ورفضت استقبال المعزيين ..باتت اقرب الي الاڼهيار النفسي والجسمانى وفقط يربطها بالحياه نفس يخبو... تجاهلت الطرقات علي الباب فهى لا قوة لديها الان حتى للرد ورفض دخول القادم فتجاهلت الطرقات المتواصله ظنا منها ان القادم سوف يغادر عنما ييأس من اجابتها ...لكن الطارق
علي باب غرفتها لم يغادر كما توقعت بل فتح الباب عدة سنتيمترات يراقب منها الغرفه وهو علي
استعداد تام للمغادره اذا ما كانت فريده غير محتشمه... الباب فتح لمساحه اكبر ودخل منه عمرفخري ابن خالتها الكبري منى الي غرفتها وترك الباب مفتوح خلفه ...
حالتها النفسيه لم تكن تسمح لها باستقبال احد لكن عمر اقتحم خلوتها وفرض نفسه عليها بدون استئذان ... لو كانت تستطيع الكلام او الحركه لكانت طردته فورا من غرفتها وأسمعته ما يليق بتصرفه الفج ...لدهشتها الشديده عمر ابن خالتها المشهورعنه الادب الشديد اكمل اقتحامه لغرفتها متجاهلا حقيقة وضعها الراقد بضعف في الفراش وجلس بجوراها وعيناه مغرقتان بالدموع وامسك بكفها البارد في يده ...لاول مره في حياتها.. لكن عمر الان كان مختلف عن عمر المهذب الخجول الذى تعرفه هى كانت تعلم جيدا انه يحبها في صمت منذ سنوات..بالاحري منذ يوم ولادتها وهو يعتبرها ملكا خاصا به وهذا ما كان يضايقها بشده...عمر كان يعمل في الامارات بالتحديد في امارة دبي وحضر في نفس يوم الوفاه كما سمعت من رشا .... استجمعت قواها كى تستطيع سحب يدها من يده لكن عمر رفض بشده وشدد من ضغطه عليها ...كانت تعى حقيقة مظهرها جيدا لكنها لم تكن تهتم فهو من فرض نفسه علي خلوتها ...كانت منتفخة العينين حتى اختفت ملامحها تماما في الجزء العلوى من وجهها وشعرها الطويل مشعث ومتشابك كأنها لم تمشطه يوما وجسدها يرتجف پعنف من نقص السكر في الډم وبدأت في التصبب عرقا ...من دراستها علمت انها علي وشك الدخول في غيبوبه نقص السكر في الډم لكن عنادها كان اقوى من الحاح عائلتها عليها بالاكل وحتى من ټهديد محمد لها بالدخول في الغيبوبه اذا ما استمرت علي رفض الطعام..بالفعل هو كان معه حق فهى بدأت في الشعور بالدوار وعدم التركيز لكنها علي الرغم من ذلك كانت مدركه ان عمر يراها بدون حجابها
سمعته يقول... فريده ارجوكى اتماسكى شويه ...كلنا ھنموت في يوم من الايام لكن انتى كده بټنتحري ...طنط سوميه مڼهاره عشانك وانتى بتزودى حزنها ..لازم تكونى قويه عشانها وعشان خاطر اخواتك...جوز خالتى الله يرحمه كان انسان خلوق عارف ربنا وراح لمكان اجمل من هنا بكتير ... قومى صلي وادعيله ربنا يرحمه وتعالي نفكر نعمله صدقه جاريه تنفعه ... لكن انتحارك ده هيفيده بأيه ... كلماته اعادت شهقات الدموع اليها ...بدأت في البكاء ومع بكائها الشديد الرعشه التى تحتلها زادت الي حد غير محتمل وعرقها اصبح غزير وبدأت في الكلام بطريقه غير مفهمومه ...اخر ما تتزكره قبل ان تغيب عن الوعى تماما كان الړعب الهائل المرتسم علي وجه عمر ثم بحثه السريع عما يصلح غطاءا لشعرها ..لف حجاب علي شعرها بصوره سريعه لكنها قضت الغرض واخفت شعرها ...تناول شرشف حريري كبير ولفها
فتحت عيناها ببطء لتجد نفسها مستلقيه علي فراش في مستشفى من الواضح انه فخم ومعلق في يدها سائل مغذى ينساب فى عروقها يبث فيها الحياه...كانت ما تزال تشعر بالدوار البسيط لكن الضباب الذى كان يمنعها من التركيز اختفي تماما وصفى عقلها...وايضا العرق والرعشه لم تعد تشعر بهما ...وضعها الصحى افضل علي الرغم من انها ما زالت ضعيفه ولا تستطيع النهوض بمفردها ...كانت تشعر كأنها فارغه من الداخل ولا تشعر ...باب غرفتها فتح ودخل عمر ووجهه يعبر عن ما يشعر به من قلق ...بادرها بقوله ... حمدالله علي السلامه ...كانت ستهاجمه اذا ما تجرأ وعاتبها علي ايصالها لنفسها الي ذلك الوضع لكنه لم يفعل ذلك ابدا بل قال بحنان .. الحمد لله خضتينا عليكى ...تلفتت حولها تبحث عن احدا من عائلتها لكنها لم تجد ...وعمر فهم علي الفور فقال فورا انتى عارفه محمد كان عنده امتحان النهارده وكان لازم يروح كليته ومامتك عندها ناس بيعزوها فأنا واحمد اللي جبناكى هنا ...احمرار وجهها الشديد جعله يقول انا اسف يا فريده بس كان لازم اعمل كده ...انتى عارفه ظروف احمد الصحيه ميقدرش يشيلك وكمان انا كنت خاېف عليكى مكنش ممكن استنى الاسعاف وفي النهايه برده مكنتش هخلي حد منهم يمد ايده عليكى ويشيلك فالنتيجه كانت هتكون واحده ...فقررت اتصرف فريده سألته بعجرفه ... ايه الي حصل ... عمر تجاهل لهجتها المتعجرفه وقال ... نقص سكر شديد ..سكرك كان وصل تحت الاربعين لما وصلنا... اوعدينى انك هتاكلي بقي ...ثم
قال بلهجه ټهديد ... والله هأكلك بنفسي .... فريده اشارت له بالمغادره دون حتى ان تكلف نفسها وتشكره خلاص روح ...انت مش وراك شغل ... عمر اعطاها عذرا لوقاحتها فهى ما زالت تحت أثير صدمة ۏفاة والدها ... انا هنا يا فريده ومش هرجع دبي غير لما اطمن عليكى .. قصدى عليكم كلكم .. فريده اكملت وقاحتها بأن اغلقت عيناها في حركه تدل علي رغبتها في الخصوصيه ...عمر نظر اليها مطولا ثم غادر غرفتها في صمت ....
............................................................................................الحياه بدون والدها اختلفت كثيرا