رواية كاملة بقلم دعاء عبد الرحمن... فارس
ووضع أمام فارس الاوراق التى طلبها ووضع فوقهم شيك بالأتعاب ..نظر فارس إلى المبلغ المدون أمامه ثم رفع رأسه للرجل وقال
أنا قلت لحضرتك انى مش هقبل أى حاجة إلا لما اقابل المتهم بعد كده هقرر وبعدين المبلغ ده كبير أوى
قال الرجل بسرعة وبصوت يشبه البكاء
فلوس الدنيا كلها فدى ابنى وبعدين انا متفائل ان شاء الله لما تقابله هتتاكد أنه برىء أنا متأكد
نظر إليه فارس بإشفاق ومد يده بالشيك قائلا بحسم
معلش حضرتك خده ولو وافقت نبقى نتكلم فى حكاية الاتعاب دى بعدين ...أنا هروحله بكره على طول ان شاء الله يعنى الموضوع مش هيتاخر كتير
خرج الرجل من حجرة فارس وقبل أن يخرج من المكتب الخارجى تفاجأ بدنيا التى أقتربت منه بتمهل وقالت
متقلقش يا فندم ان شاء الله خير
رفع الرجل يده إلى السماء وهو يقول بضعف
ربنا يسمع منك يابنتى
اقترب وائل منهما وقال للرجل مقدما له دنيا قائلا
دى الأستاذة دنيا مرات الدكتور فارس ومحامية معانا هنا
قالت دنيا باهتمام
أمبارح الدكتور فارس سهر على القضية للفجر وتقريبا شبه موافق عليها يعنى حكاية المقابلة دى مسألة شكلية مش أكتر
نظر لها الرجل بتأثر وقال بامتنان
حقيقى يا أستاذة ... مش عارف اقولك ايه طمنتينى ربنا يطمن قلبك
قالت مؤكدة
إن شاء الله لما يرجع من الزيارة انا اللى هكلم حضرتك وأحدد مع حضرتك الأتعاب والمعاد اللى حضرتك هتجيلوا فيه
غادر الرجل بعد أن تأكد أن قضيته قد قبلت بالفعل فها هى زوجته تؤكد له أنه بدا العمل بها فعلا ...دخلت دنيا حجرتها بعصبية وقلق والتفتت إلى وائل الذى تبعها وقالت
وبعدين يا وائل.. أنا قلقانه أوى .. أنا كل ده ولسه مش عارفة أيه اللى هيحصل .. نفرض رفضها فعلا
قال وائل بثقة
الأستاذ باسم مستنى منك مكالمة.. بعد ما تعرفى قرار الدكتور فارس وساعتها هيقولك هيعمل ايه بالظبط.
الفصل الرابع والعشرون
أطل بلال برأسة داخل مصلاها الصغير الذى أتخذته منذ زواجها مصلى خاص بها فى أحد أركان المنزل الصغيرة فوجدها تسبح بعد انتهاءها لتوها من صلاة الفجر .. أزاح الستار الذى وضعته عليه ليعطى الركن شىء من الخصوصية فلا يدخله أحدا سواها ولا يعبث أحد بمكتبتها الصغيرة فيه ..أقترب منها وجلس بجوارها . ألتفتت إليه بابتسامة عذبة فأخذ كفها فى يده وقبل راحتها ثم أكمل تسبيحه على أصابعها .. نظرت له بحب جارف وهو يسبح على أصابعها وفى كل تسبيحة يزداد حبه بقلبها وتتعلق به أكثر وأكثر ..رفعت يدها الأخرى ومررت أناملها على لحيته وخللت أصابعها برفق داخلها فنظر
لسه صاحية لغاية دلوقتى ليه مش قلتى هصلى وانام
بادلته همسا بهمس وهى تقول پسكينة
كل مرة بقول أذكار الصباح فى السرير بتروح عليا نومه قبل ما اخلصها فقلت اقولها هنا علشان كمان ابقى مركزة فيها ...
ثم أردفت متسائلة
مش قلت هتدى درس بعد الصلاة
ظهر الحزن على وجهه وهو يقول
درس الفجر أتمنع هو كمان مع الاسف
ثم أردف متهكما بسخرية حزينة
الرقاصة فى الكباريهات محدش بيقدر يمنعها من اللى بتعمله لكن أحنا لما نيجى نتكلم عن الله يمنعونا ويقفلوا المساجد بعد الصلاة على طول
ربتت على وجنته وقالت بهدوء
متزعلش نفسك كده يا حبيبى أنت ناسى حديث الرسول عليه الصلاة والسلام لما قال
0 بدأ الإسلام غريبا وسيعود كما بدأ غريبا فطوبى للغرباء
نظر لها وأطل الأسى من عينيه قائلا
أحنا بقينا غرب فى بلدنا يا عبير أول ما الواحد يربى لحيته يبتدى الاضطهاد ويبتدوا يحاصروه فى كل مكان فى المسجد وفى الشغل وفى كل حته تبتدى المضايقات ... كأن التأسى بسنة الرسول عليه الصلاة والسلام بقت تهمة المفروض الواحد يتعاقب عليها
حاولت أن تضفى بعض من المرح عليه فغيرت مجرى الحديث وقالت مداعبة
قولى بقى ناوى تعمل ايه النهاردة فى فارس وعمرو
أستجاب لمداعبتها وأبتسم بمرح وقال
ناوى أدشدشهم طبعا
تحسست ذراعيه بإعجاب وهى تقول ضاحكة
أنا متأكده أنك هدشدهم بضمير
خلل أصابعه بين خصلات شعرها و همس فى أذنها قائلا
فكرتينى بالضمير ..الولاد لسه نايمين مش كده !
طيب هسيبكوا أنا شوية يا متر علشان تعرفوا تتكلموا
قال الضابط هذه العبارة وهو ينهض من خلف مكتبه ويأخذ هاتفه واتجه خارج مكتبة .. أنتظر فارس حتى خرج الضابط وأغلق الباب خلفه فالټفت إلى الشاب الذى وقف أمامه مطرقا برأسه فى حزن وقال وهو يشير له بالجلوس
أقعد يا هانى
جلس هانى ببطء وبدون أن يرفع رأسه أو ينطق ببنت شفة ..تفرس فيه فارس مليا وقرأ بسهولة تعبيرات الحزن والوجوم فى ملامحه الشاحبة المترقبة ..لايبدو عليه الإجرام أبدا على العكس تماما وجهه فيه من البراءة ما فيه ..حاول فارس أن يقرأ لغة جسده