رواية كاملة بقلم دعاء عبد الرحمن... فارس
أذنك
خرجت من حجرته حانقة عليه وعلى نفسها دخلت لتتوضأ وعادت لحجرتها فى المكتب لتصلى فى أحد أركانه وتلكأت فى جلستها حتى نهضت دنيا ودلفت إلى مكتب فارس وبنفس الطريقة أشار لها أن تبقى الباب مفتوحا جلست أمامه فى سعادة بالغة وهى تقول
مبروك مرة تانية يا حبيبى تستاهلها بجد
أخذ نفسا عميقا وهو يغمض عينيه وزفر فى بطء وهدوء ثم قال
دنيا .. أولا متنسيش اننا لسه مخطوبين
مطت شفتاها بتبرم وهى تقول
وثانيا
قال على الفور
لبسك بقى ملفت للنظر أوى يا دنيا
صاحت فى ڠضب وهى تهب واقفة
ما تقولى ألبسى خيمة أحسن
أنت زعلانه انى بغير عليكى وعاوز لبسك يبقى محتشم أكتر من كدة
تبرمت فى حنق وجلست مرة أخرى ولم ترد أو بمعنى أصح تقلب الأمر فى رأسها صمتت قليلا ثم قالت
طيب سيبنى بس لما اقبض علشان اعرف اشترى لبس يرضيك
أبتسم لموافقتها ثم أخرج بعض المال وقدمه لها قائلا
معلش ده مبلغ بسيط .. بس هيكفى ان شاء الله تجيبى طقم بسيط كده على ما نقبض
نظرت للمال ثم نظرت إليه بضيق وهى تقول
حتى الكام يوم مش عاوز تسيبنى براحتى فيهم وبعدين شكرا يا سيدى هاخد فلوس من بابا
أومال ليه بتقوليلى استنى لما اقبض
زفرت فى ڠضب هاتفة
يووه بقى يا فارس .. حاضر حااضر
جلست نورا على مقعدها خلف مكتبها وهى ټدفن رأسها بين كفيها وتستعيد كلمات فارس الذى ألقاها عليها منذ قليل كمن يلقى دلوا باردا فى ليل الشتاء القارص على قلبها بلا رحمة أو شفقة ولم تعد تدرى اهو يقصد صالحها كما قال أم يتهرب منها ومن مشاكلها التى غطت أذنيه منذ عملهما معا كانت تريد أن تختلى بنفسها قليلا بعيد عن أعين الناس نهضت وأخذت حقيبتها وبدون أن تستأذن للأنصراف خطت بسرعة خارج المكتب مسرعة لا تعبأ بالسؤال عنها حين ملاحظة غيابها كانت مرتبكة قلقة تتردد كلماته على قلبها قبل عقلها فحثت السير أكثر كأن شبحا يطاردها.
تقوقعت نورا فى فراشها وهى تحتضن قدميها إلى صدرها وتفكر فيما قاله لها اليوم وتفكر فيه بعمق وتحادث نفسها قائلة
مش عارفه معاه حق ولا لاء .. أنا فعلا فى الأول كنت بتكلم معاه على أنه زميلى وبس لكن مع كل مشكلة كان بيحلهالى كنت بحس أنه هو ده اللى بدور عليه ..وكنت بندم على أنى مقابلتوش قبل خطيبى وقبل ما نكتب الكتاب
أستلقت على أحدى جنبيها وألقت رأسها على الوسادة وهى تفكر فى حل لما وقعت فيه بدون أرادة منها وقالت بضيق
ياريتنى كنت حكيت لبنت زيى على الأقل كنت هفضفض معاها من غير ما يحصل اللى حصل ده جوايا
تململت فى الفراش كتململ العصفور المبلل بماء المطر حتى استسلمت للنوم وقد قررت أن تقف مع نفسها بحسم وتصرف عن قلبها صورة فارس الهلامية التى صنعتها له بيديها صورة الرجل الذى لا يخطىء أبدا وتضع مكانها صورة خطيبها وحبه لها لتجعل منه مددا لها لعلها تفيق مما هى فيه وتشعر بهذا الرجل الذى أهملته كثيرا بأوهامها السابقة.
كان فارس يجلس بمكتبه حين سمع جلبة بالخارج حرك جسده قليلا وهو يحاول النظر من الباب المفتوح أمامه فرأى رجلا يصيح بعصبية قائلا
ده مش أسلوب معاملة.. أومال مكتب كبير واسم كبير وخلاص .. وكل ده على الفاضى ومش عارفين تخلصولى حتة قضية يخلصها محامى صغير
هب فارس ناهضا وأثناء خروجه وجد الدكتور حمدى يدخل حجرة مكتبه ويغلق الباب فى وجه الرجل بحدة مما جعل الرجل يشتعل ڠضبا أكثر ودنيا ونورا يتابعان ما يحدث عن كثب وبعض المحامين يحاولون التحدث للرجل للرحيل بسلام ودون أثارة المشاكل ولكن كان منفعلا بشدة فلم يستجب لأحد
حاول فارس تهدأته وعرض عليه الجلوس فى مكتبه ليتفاهم معه ومحاولة أصلاح الأمر بصفته مدير المكتب أستجاب الرجل ودخل حجرة فارس
جلس فارس أمامه على المقعد المقابل له ولم يجلس خلف مكتبه ليستطيع التعامل معه ومع انفعاله وهو يقول
أهدى بس حضرتك وقولى أيه الحكاية بالظبط
هدأ الرجل قليلا ثم قال متهكما
حتة قضية شرعى صغيرة قد كده.. يخلصها أى محامى صغير ..جيت للدكتور بتاعكوا وقلت أسم وسمعه وهيخلصها قوام قوام.. لقيته بيرمى الملف ويقولى شفلك محامى غيرى وطردنى من مكتبه
قام فارس بتهدأته مرة أخرى ثم قال
ممكن الملف بعد أذنك
أستند فارس لظهر مقعده وهو يقلب فيه سريعا ثم قال بدهشة
والدكتور رفض القضية ليه .. دى قضية طلاق عادية جدا
قال الرجل متهكما
أديك قلت.. قضية طلاق عادية جدا ..
مال فارس للأمام وهو يتفحص الرجل وقال بجدية وهو يتكأ بمرفقيه على ساقيه والملف بين يديه
ممكن حضرتك بس تجبلى الموضوع من الأول كده علشان افهم واقدر افيدك
طلقت مراتى وراحت بيت ابوها بالعيال ..رفعت عليا قضية نفقة ليها وللعيال ومؤخر بقى وقايمة والذى منه
حثه فارس على المتابعة قائلا
وبعدين
ولا قابلين .. واحد صاحبى ليه تجربة فى الموضوع ده قبل كده ... شار عليا أنى لو قلت عليها انها ماشيها