رواية كامله بقلم شاهندة من الفصل الاول الي الفصل الأخير
انت في الصفحة 1 من 21 صفحات
الفصل الأول
في هذا الحي القديم حيث تنتشر البيوت العتيقة كانت هي تقف في شرفة إحدى هذه البيوت تتطلع إلى الشارع الخالي من المارة في هذا الوقت المتأخر فقد جاوزت الساعة منتصف الليل بقليل وليس من عادة زوجها التأخر في العودة إليها فما إن ينهي عمله حتى يسرع بالرجوع إلى المنزل وكأنه لا يقوي على فراقها للحظات أخرى حتي أن حماتها تسخر دوما من ذلك فلا تصيبها بالحنق كما ترغب تدرك أن سخريتها خلفها قلب أم يخشى تعلق طفلها الوحيد بغيرها حد الإستغناء عنها.
فتحت عيناها لتتهلل أساريرها وهي تراه يظهر في الشارع يتطلع إلى الشرفة حيث كانت وكأنه يعلم علم اليقين أين ستكون في هذه اللحظة إبتسم فبادلته إبتسامته.. أرسل إليها قبلة هوائية فتطلعت حولها بخجل تخشي ان تكون فعلته على مرأي أحدهم وحين لم تجد عادت بمقلتيها إليه تطالعه حتى دلف إلى باب المنزل كادت أن تسرع إلي الخارج تستقبله على باب شقتها بلهفة الزوجة ولكنها خشيت كلام حماتها لن تحتمل السخرية الآن وقد كانت مشاعرها على الحافة منذ قليل لذا انتظرته بتوق تسمعه يتبادل مع والدته بضع كلمات ثم يتمنى لها نوما هنيئا وما إن دلف الحجرة وأغلق بابها حتي أسرعت ترتمي في حضنه يستقبلها بشوق زوج يحب زوجته بكل ذرة في الكيان.
كانت تنام على صدره بعد جولة من المشاعر عبرا فيها سويا عن اشتياق اجتاح الوجدان.. تخبرها دوما حماتها منذ أول ليلة لها في هذا البيت أن شوق وليدها إليها سيخبو ما إن ينالها ويمر بعض الوقت على زواجها به ولكن هاهم ستة أشهر قد مروا ومازال الشوق بينهما مستعرا وكأنها ليلتهما الأولى تماما.
_متفتكريش ابني بيحبك انت بس حلوة حبتين بكرة تحملي وحلاوتك دي ياخدها حفيدي ووقتها هتبقى أم إبنه وبس.
لا لن يحدث أبدا سيحبني أكثر لإني سانجب له قطعة من روحي وروحه تزيد من ثبات علاقتنا وتقوى رباطنا الأبدي..ولكن متى سيحدث ذلك لقد حملت في خلال هذه الفترة مرتين وفي كل مرة تجهض الطفل لسبب تجهله حتى أن الطبيب لم يمنحها أبدا سببا بدوره يخبرها أنه امر الله فقط وعليها أن تتقبله فتتقبله بصدر رحب تبتهل إلى الله في صلواتها ان يقر عينها يوما بطفل من حبيب الفؤاد فقط لو تتركها حماتها وشأنها.. لا تزرع هذه الهواجس في قلبها لعاشت مع زوجها حقا بسلام.
_حبيبتي بتفكر في إيه
رفعت رأسها تواجه بعينيها الرماديتين مقلتيه العسليتين قائلة بصوت ثابت لايعكس خفقاتها المضطربة
_إيه رأيك ياحبيبي نغير الدكتور اللي بنروحله ده ونروح لحد تاني صفية بنت خالتي.....
اعتدل مستقيما يقاطعها وهو يخرج من سريره يمسك علبة سجائره ويخرج منها واحدة قائلا بحنق
نهضت تسحب روبها وترتديه ثم تقترب منه قائلة
_ياعادل ياحبيبي أنا عايزة أفرحك عايزاك تشيل ابنك على ايديك وتتباهي بيه في وسط عيلتك زي أصحابك.
كاد أن يشعل سيجارته فتوقف يمسك يديها بين يديه قائلا
_وجودي بس جنبك بيسعدني ويفرحني ياهند ده حلم واتحقق.. فاكرة في الكلية لما كان كل شبابها نفسهم يكلموكي وانت كنت بترفضي خفت أقرب منك مع ان قلبي كان متعلق بيك خفت تصديني زيهم لغاية في يوم مالقيتك بتقربي مني وتطلبي كشكول المحاضرات بتاعي ابتسامتك وقتها اديتني أمل فقلت جازف ياواد واطلب منها تقعدوا في الكافتيريا وتشربوا عصير ولما وافقتي حسيت اني اتفتحتلي طاقة القدر واني ممكن يبقى لقصة حبي نهاية سعيدة.
_وده اللي حصل بسرعة حبينا بعض وبسرعة اتخطبنا وأهو اتجوزنا و عايشين أجمل أيام حياتنا..لكن....
_لكن إيه
أطرقت برأسها قائلة
_مش قادرة أمنع نفسي أفكر انك أكيد نفسك في طفل زيي تمام عشان فرحتنا تكمل.
مد أنامله يرفع ذقنها إليه قائلا
_أكيد نفسي بس مش مستعجل قلتلك كفاية عليا وجودك جنبي لغاية ده مايحصل انسى بقى كلام أمي ومتحاوليش تتأثري بيه.
_ طيب عشان خاطري ياعادل نغير الدكتور.. لو بجد بتحبني.
ابتسم قائلا
_مع انك عارفة اني بحبك بس حاضر ياستي نغيره أي أوامر تانية يابرنسيسة
ابتسمت تهز رأسها في سعادة قبل أن تعقد حاجبيها قائلة
_استنى هنا ومتوهنيش.. كنت فين النهاردة وإيه اللي أخرك لبعد نص الليل
قرصها في وجنتها قائلا
_غيرانة عليا ولا بتشكي فيا.
_انت عارف اني واثقة فيك زي نفسي تمام.. الحقيقة كنت خاېفة وقلقانة أنت عارف اني مقدرش أنام قبل مااتطمن انك بقيت في البيت.
رفع يدها يقبلها بحنان قائلا
_هو أنا بحبك من شوية.
نظرتها أخبرته ألا يراوغ ويخبرها على الفور بما لديه ليتنهد قائلا وهو يسحبها لتجلس جواره على السرير
_الحقيقة كنت قاعد في القهوة مع صديق.
_صاحب المحل اللي بتشتغل فيه
هز رأسه قبل أن يقول
_بنته تعبانة وهتعمل عملية خطېرة في القلب.
ظهر الأسى على ملامح هند لتقول پألم
_لا حول ولا قوة الا بالله.
_مشكلة فعلا ومأساة بيمر بيها طبعا محتاج فلوس فعرض عليا أدخل شريك معاه.
_وإيه المشكلة دلوقتاسحب الفلوس اللي محوشها في البنك وادخل معاه شريك أهو ينوبك ثواب.
_ميكفوش طبعا محتاج مبلغ كمان عليه عشان أقدر أدخل شريك معاه وطبعا لو مدخلتش شريك هيضطر يجيب شريك تاني عشان يوفر المبلغ لعملية بنته والله اعلم هيبقى عامل ازاي وهيعاملني زي صديق ولا لأ.
_طب والحل
_مش عارف جبتها كدة وكدة ملقتلهاش حل..حتي فكرت اروح لعمي البلد وأطالبه بميراثي بس انت عارفاه مش هيديني حاجة.
لمعت عيناها وهي تقول
_وتروح بعيد ليهأنا عندي الحل.
قطب جبينه قائلا
_حل إيه ده
رفعت يديها أمامه قائلة
_الحل في ايديا ياحبيبي.
نظر إلى يديها قبل أن تتسع عيناه يهز رأسه قائلا بنفي قاطع
_مستحيل دي شبكتك يعني حاجتك.. ومش أنا الراجل اللي يبيع مراته دهبها.
أسرعت تمسك يديه قائلة بحنان
_ومين اللي جابلي الدهب دهمش انتياحبيبي خدهم وبيعهم ولما ربنا يفتحها في وشك ابقى عوضهملي.. أنا بقبل العوض عادي جدا.
رغم المرح بصوتها إلا أنه طالعها للحظة بتردد قبل أن ينفض تردده وهو يقول
_حتى لو قبلت برضه المبلغ هيبقى ناقص.
_يبقى تاخد الفلوس اللي انا حاطاها في البوسطة كمان.
_دي الفلوس اللي باباك كان شايلهالك للزمن مستحيل ألمسها.
_مفيش حاجة اسمها مستحيل بين اتنين بيحبوا بعض.. فلوسي فلوسك وفلوسك فلوسي.. اقبلهم ياعادل.. ساعدني أقف جنبك زي أي زوجة بتحب جوزها مابتعمل وياسيدي قلتلك لما ربنا يفرجها عليك ابقى ردهملي.
طالعها بحب قائلا
_أنت مفيش منك ياهند ربنا يخليكي ليا.
_ويخليك ليا ياحبيبي.
_انا هاخد منك الدهب والفلوس بس همضيلك ورقة تحفظلك حقك.. ماشي.. ياإما اعتبري اني مش موافق.. اتفقنا
_مفيش بينا الكلام ده بس لو ده هيريحك أنا معنديش مانع.. أهم حاجة تكبر في شغلك وتحقق أحلامك.
_أحلامي اتحققت في اليوم اللي قبلتي فيه تكوني مراتي وحبيبتي ياهند.
_بحبك ياعادل.
مال يلثم ثغرها